جمعية الدفاع عن حرية الصحافة ترفض مشروع ” قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي”، وتدعو البرلمان الى أشراك النخب الاعلامية والثقافية في كتابة مشروع بديل

30 –7-2011
تطالب جمعية الدفاع عن حرية الصحافة البرلمان بعدم المصادقة على مشروع ” قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي” لانه يخنق حتى الموت حرية الراي والحق في الحصول على المعلومة والحق في الاجتماع والتظاهرالسلمي، وترى الجمعية انه قانون لقبر ما تبقى لنا من آمال في عراق متمدن متحضر يحترم الحقوق والحريات العامة ويكفلها للجميع. وترفض الجمعية رفضا مطلقا مسودة القانون بصيغتها الحالية ، مع أدراكها للحاجة الى قانون يحمي حرية التعبير ولايقيدها وينظم حق التظاهر ولا يلغيه أو يضعه تحت رحمة الحكومات المحلية اوالوحدات الادارية التي اعطتها المسودة المطروحة من قبل السلطة التنفيذية صلاحية منح اجازات التظاهرات من عدمها على الرغم من ان المعايير الديمقراطية تنص على الزام المتظاهرين بالابلاغ عن التظاهر فقط وليس الحصول على اذونات. وتدعو الجمعية البرلمان الى رفض هذا المشروع والعمل على ايجاد مشروع قانون بديل تكتبه النخب الثقافية والاعلامية والقانونية باشراف البرلمان العراقي ، على ان يكون معززا لحرية التعبير وكافلا لحق التظاهر السلمي وضامنا للحق في الحصول على المعلومات.وتحذر الجمعية من توجه حكومي لتقييد حرية التعبير والسيطرة على وسائل الاعلام والصحافة لاسيما وان هذه المسودة هي الثانية بعد مايسمى بمسودة “قانون حماية الصحفيين ” التي تحاول اعادة تبعية وسائل الاعلام للحكومة وانهاء هامش حرية الصحافة المكتسبة بعد عام 2003 .

ونظمت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة سلسلة ورش عمل في بغداد وكردستان وسجلت الملاحظات التالية على مشروع ” قانون حرية التعبير عن الراي والاجتماع والتظاهر السلمي” :.
اولا: ابتدأ مشروع القانون في وضع القيود ففي المادة 1 بند (اولاً) في مجال تعريفه حرية التعبير عن الرأي قيدت (بما لا يخل بالنظام العام والاداب العامة) وهذا قيد مطاطي خاضع للتأويل والاجتهاد حيث يجب ان توضح حدود مثل هكذا قيود دستورياً حيث انه في كثير من الاحيان تخضع الى مزاجية السلطة التنفيذية وبالتالي تؤدي الى التأثير على سلامة تطبيقات ممارسة حرية الرأي والتعبير، كما ان جميع الدول الديمقراطية لديها تعريفات محدد لمادتي “النظام العام والاداب “.
ثانياً: في الفصل الثاني في المادة 3 بند (اولاً) يقول النص “للوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة انشاء قاعدة بيانات مفتوحة…الخ” وهذا النص معيب اذ انه غير ملزم حيث ان الوزارة تمتلك الصلاحية التقديرية لانشاء قاعدة بيانات من عدمه في حين ان النص يجب ان يكون (على الوزارات…الخ) ليتضمن عنصر الالزام والاجبار على انشاء قاعدة البيانات هذه ، وبربط هذه المادة بالمادة ( 1/ ثانيا ) التي تنص على ( حق المواطن في الحصول على المعلومات التي يبتغيها وفق القانون ) ، وبنظرة سريعة فأن مسودة القانون تحصر الحق في الحصول على المعلومات بتلك التي يجيز منحها القانون ، وإذا علمنا اننا لا نزال خاضعين للقوانين التي كانت نافذة في العهد الدكتاتوري السابق ، وهي قوانين تعتبر مثالاً للتكتم على المعلومات واخفائها ومعاقبة من يصرح بها ، وبالتالي فأن هذه المادة تلغي مبدأ حق الحصول على المعلومات ولاتسمح للجهات الرسمية باعطاء اي معلومة .
ثالثا: أعطى مشروع القانون (المفوضية العليا لحقوق الانسان التي لم تؤسس لحد الان) الحق بـ”البت بشكاوى المواطنين من قرارات الادارة بحجب المعلومات عنهم ولها بعد تطبيق الشكاوى ان تطلب من الادارة المعنية تزويد المواطن بالمعلومات المطلوبة اذا كان طلبه موافقاً للقانون”، وهذا الموضوع يطرح سؤالين:
السؤال الاول: ماذا لو رفضت الادارة الحكومية طلب المفوضية العليا لحقوق الانسان…كيف ستكون آلية اجبار هذه الادارة على تزويد المواطن بالمعلومات؟ وهل سيخضع قرار هذه الادارة الى الطعن امام المحاكم؟ ومن يقيم الدعوى؟ المواطن ام مفوضية حقوق الانسان؟
اما السؤال الثاني: ما هي الشروط القانونية لطلب الحصول على المعلومات ؟
– ان الصياغات في مشروع القانون قد وردت مبهمة وعمومية وضبابية في حين كان على المشرع ان يصوغ ذلك بصياغات واضحة دون لبس او شكوك بحيث يحدد دائرة الممنوع على وجه الحصر ويترك الامور الاخرى للاباحة استناداً الى القاعدة القانونية التي تنص على ان (الاصل في الاشياء الاباحة). كما ان التأكيد على حق الحصول على المعلومات يأتي من خلال الترابط الكبير بين حرية التعبير عن الرأي مع حق الحصول على المعلومات فلا توجد حرية تعبير دون حق الحصول على المعلومات وبالتأكيد ان شللاً كبيراً يصيب حرية التعبير بشكل عام وحرية الصحافة بشكل خاص ، من دون وجود نص يلزم المؤسسات الحكومية باعطاء المعلومات وفقا للمعايير الدولية في هذا الخصوص لاسيما “العهد الدولي الجديد ومبادئ جوهانسبرغ ” ، لذلك فإن هذا الموضوع يحتاج الى تقنين وتشريع اكبر من ان يحصر في مواد صغيرة لا تستطيع ان تفي بالغرض المطلوب منها وبالتالي يحتاج الى اعادة صياغات من خلال الاستعانة بذوي الاختصاص مع الاستفادة من التشريعات الدولية وتشريعات الدول المتحضرة .

رابعا: المادة 1/خامساً تبين ان الحق في التظاهر السلمي محصور بـ”الحق في التعبير عن الراي والمطالبة بالحقوق التي كفلها القانون” فمعنى هذا ان الحقوق التي يكفلها القانون أو لم يأتِ القانون على ذكرها انما هي خارج الموضوعات التي يجوز التظاهر بشأنها فلا يجوز حسب هذا الامر التظاهر للمطالبة باطلاق سراح المعتقلين أو محاسبة لصوص المال العام أو سوى ذلك كونها ليست من الحقوق التي كفلها القانون.
خامسا : المادة 6/ في الفصل الثالث ،” الاجتماع الخاص ” التي تبين ان رجال الامن لا يجوز لهم حضوره، وهذا الامر تحصيل حاصل فرجال الامن لن يحضروا الاجتماع كونه خاصاً لكنهم غير مامورين بعدم التضييق عليه أو منع الغير من الحضور اليه فالنص لا يسمح لهم بالحضور وحسب فيما يسكت عن المنافذ الاخرى لرجال الامن في الحضور اليه والمشاركة فيه بفاعلية بالطرق الامنية التي نجهلها.
سادسا: المادة 7 بند (اولا) التي تنص على ان (للمواطن حرية الاجتماع العام بعد الحصول على اذن من رئيس الوحدة الادارية قبل ثلاثة ايام على الاقل ، على ان يتضمن طلب الاذن موضوع الاجتماع والغرض منه وزمان ومكان انعقاده واسماء اعضاء اللجنة المنظمة له “، وفي المادة 1/رابعا يعرف الاجتماع العام بانه (الاجتماع الذي يعقد في مكان عام أو خاص ويكون الحضور متاحا للجميع ) ، وترى الجمعية ان هذا النص معيب لانه:
1- يجب ان تكون حرية الاجتماعات العامة غير مقيدة بإذن لاسيما وان تعريف الاجتماع العام مطاطي ويمكن تفسيره بانه يشمل حفلات الزواج واعياد الميلاد ومجالس العزاء وحتى الاحتفالات الدينية ، وهو ما يشمل بهذا المقتضى افراح الناس واتراحهم والملتقيات الاجتماعية والمنتديات وجلسات الحوار والنقاش العامة ودواوين الشعر وملتقيات العشائر وغيرها، وهذا لم يرد حتى في قوانين الدول الكتاتورية سوى سوريا التي من المحتمل ان يكون النص استعير من قوانينها .
2- من هو رئيس الوحدة الادارية؟ هل هو (المحافظ، القائمقام، رئيس الناحية) ام من ؟
3- يضاف الى كل هذا ،فأن الاصرار من قبل مشرع القانون على ضرورة الاذن المسبق فإن الطعن امام محاكم البداءة كما حدد مشروع القانون في المادة 7/ ثالثا، في حالة الرفض هو اجراء غير عملي ولا يتماشى مع طبيعة الموضوع خصوصاً اذا كان موضوع الاجتماع محدد لحادثة معينة او مناسبة معينة بحيث ان اي تأخير يفقد الاجتماع اهميته وقيمته، وتسجل الجمعية استغرابها وقلقها الشديدين لان الموضوع محل البحث هو اجتماع وليس انقلاباً على السلطة، و الاجتماع حق بديهي تقره جميع القوانيين .
سابعا: المادة 11 بند (ثانياً) حدد مشروع القانون مسؤولية التعويض في حالة حصول اضرار جسدية او مادية في الاشخاص اوالممتلكات او الاموال على مسببي هذه الاضرار،واشار النص الى اعطاء الحق للمتضرر المطالبة بالتعويض في حالة تعذر الاهتداء الى مسببي الضرر دون ان يحدد الجهة التي تقوم بالتعويض وكان على المشرع ان يلزم الدولة بالتعويض بذلك تماشياً مع شرطها الوارد في المادة 11 بند (اولا) بأن تكون السلطات الامنية هي المسؤولة عن الحماية للمجتمعين او المتضاهرين، فلولا القصور في عمل هذه الجهات الامنية لما يحدث مثل هكذا ضرر للمجتمعين او المتضاهرين او ان نترك الى هؤلاء حماية انفسهم بأنفسهم.
ثامنا: ينص مشروع القانون في المادة 11/اولاً من الفصل الخامس منه على ان “حماية المتظاهرين أو المجتمعين من قبل السلطات العامة لا تكون الا للاجتماعات أو التظاهرات المجازة وفقاً للقانون “، وفي هذا اشارة واضحة ان حماية الناس من المسلحين وعصابات الجريمة والمتخفين بالزي المدني لا توفرها السلطات الامنية للاجتماعات أو التظاهرات التي يجري الاعداد لها خلافا لهذا القانون ولو كانت اشتراطات القانون غير منطقية، ثم يأتي الشطر الثاني من هذه المادة ليقضي على حرية التظاهر والاجتماع ويجهز عليها ويعطي ضوءاً اخضر للسلطات الامنية لاستعمال القوة اذا ادى الاجتماع أو التظاهر الى زعزعة الامن او إلحاق الاضرار بالاشخاص او الممتلكات او الاموال، على الرغم من ان القانون لم يحدد الجهة التي تمتلك السلطة التقديرية في تشخيص وتحديد ما اذا كان هناك زعزعة للامن قد حصلت أو ضررا بالاشخاص قد حدث أو ضررا بالاموال أو الممتلكات قد وقع، ولكننا نظن ان هذه الجهة التي تقدر الامر هي السلطات الامنية نفسها كونها هي المسؤولة عن تجمعات وتظاهرات المجتمعين أو المتظاهرين المجازين ولإن المشروع لم يبين بصراحة من هي تلك الجهة، ما يجعل المتظاهرين تحت رحمة السلطات الامنية.
تاسعا : المادة ـ 13 ـ نصت على احكام جزائية على من يخالف احكام هذا القانون ، وتقع العقوبات على المواطن دون الحكومة ، ولم نجد حكما يعاقب من اتخذ اجراء حكوميا مخالفا ،
الفقرة اولا نصت على معاقبة من اذاع عمدا دعاية للحرب او الاعمال الارهابية … الخ ولم تشير الى عقوبة من يروج لتلك الاعمال او الافكار او يدعمها اعلاميا .
الفقرة ثانيا نصت على غرامة لا تقل عن مليون دينار ولاتزيد على عشرة ملايين دينار أو الحبس لمدة لاتزيد على سنة واحدة وشملت بموجبها من” اعتدى على الشعائر والحرمات الدينية او الطائفية او الرموز الدينية.. الخ “، لكننا لم نجد ما يشمل الاعتداء على الافكار والايديلوجيات السياسية التي تتبناها الاحزاب والتنظيمات السياسية او الاجتماعية العلمانية غير الدينية ، كما ان في هذه الامور تمهيدات بينة لمجتمع ودولة الدين، كما ان هذه المادة مطاطية لم تحدد طريقة الاعتداء ونوعها ، كما انه محاولة لترهيب وسائل الاعلام ومنعها من نقد رجال الدين الذين يتعاطون السياسة أو يتبؤون مناصب حكومية ويفشلون في ادائهم كما حصل خلال السنوات الثمان السابقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *