العراق هو البلد الوحيد في المنطقة الذي يتم فيه تسريح الصحفيين بطريقة لا تتناسب وظرفه او نظامه ودستوره وقوانينه الحامية لحقوق الصحافة والاعلام والنشر.
وسجلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق حتى اواخر تشرين الثاني/ اكتوبر تسريح المئات من الصحفيين من مختلف وسائل الاعلام المرئية والمكتوبة منها، دون سابق انذار او تعويض مالي.
وعلى الرغم من صعوبة حصر الاعداد الدقيقة للصحفيين والعاملين في هذه الوسائل، الا ان الجمعية سجلت تسريح نحو 905 غالبيتهم من المحررين والمراسلين والمصورين والمذيعين، بل بينهم مقدمي برامج تلفزيونية يومية.
كما سجلت الجمعية إغلاق ثمان مؤسسات إعلامية، عادت أحداهن الى العمل بعد ان سرحت كل كوادرها، في حين ودعت المؤسسات السبعة الاخرى الاسرة الصحفية الى الابد.
والملاحظ ان الغالبية العظمى للصحفيين والإعلاميين المسرحين لم يحصلوا على أية تعويضات من إدارة مؤسساتهم، كما أن المؤسسة لم تكترث لمصير الصحفيين المبعدين، لا سيما وان معظم المؤسسات لا تنظم عقودا مع الصحفيين.
كما يلاحظ أيضا ان بعض المؤسسات الإعلامية التي تشكو ضعف التمويل وغياب الاعلانات الحكومية، تفكر في الاستغناء عن نسبة كبيرة من كوادرها، الامر الذي يضع كادرها تحت ضغط التسريح في أية لحظة.
تفاصيل الإحصائية:
1- وسائل الإعلام المغلقة
ــ قناة الحرية: أغلقت القناة نهاية العام الماضي وتم تسريح 300 موظف أغلبهم صحفيين ومخرجين ومصورين كانوا يعملون فيها. وطالب العاملون بتعويض مالي مناسب لحين ايجاد عمل اخر، لكن محاولاتهم بائت بالفشل.
بعض الزملاء الصحفيين العاملين في القناة أثناء إغلاقها أكدوا ان قرار الإغلاق كان مفاجئاً ولم يبلغوا به مسبقاً. وبعد مرور 9 أشهر على اغلاق هذه المؤسسة مازال بعض كادرها بدون عمل رغم استمرارهم بالبحث عنه في مؤسسات أخرى.
ــ قناة الأضواء الفضائية: أغلقت بسبب الضائقة المالية، وسرحت كل كادرها من دون ايعازهم مسبق، وبدون منحهم مكافئة مالية مجزية، ويفوق عدد الكادر 60 موظفا.
ــ قناة بغداد الفضائية: وأغلقت مطلع شهر أيار الماضي، بسبب عدم تسديد أجور البث الفضائي التي تصل حوالي 400 ألف دولار، وتم تسريح العاملين فيها دون تعويض، لكن تم ابلاغهم بالامر قبل شهر.
بعض العاملين فيها تمكنوا من العمل في مؤسسات أخرى منها قناتي البابلية ودجلة، إلا أن القسم الأكبر لم يجدوا عملا مناسبة رغم مرور 3 اشهر على تسريحهم.
ـ صحيفة البيان: أخبرت إدارة المؤسسة جميع العاملين، في مطلع شهر حزيران الماضي، بإغلاق الصحيفة لمدة أسبوع واحد، بسبب الضائقة المالية، إلا ان الصحيفة لم تعاود الصدور منذ ذلك الحين. ووزعت إدارة الصحيفة رواتب العاملين بعد مرور أسبوعين على قرار الغلق، وبعضهم شكا من استقطاع جزء من مرتبه يصل الى 50 الف دينار.
وابلغ عدد من العاملين بالصحيفة جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، ان “حزب الدعوة ورئيس الوزراء حيدر العبادي ونائب رئيس الجمهورية نوري المالكي تخلوا عن مسؤولياتهم إزاء الصحيفة الناطقة باسم الحزب”.
– المركز الخبري: اغلق المركز الخبري التابع لشبكة الاعلام العراقي والذي يحتوي على ما يزيد عن 30 صحفي، بينهم 11 شخص تنسب الى مؤسسات اخرى تابعة للشبكة، في حين تسرح العديد منهم ممن يعملون وفق نظام القطعة. يشار الى ان شبكة الاعلام الغت قنوات تجريبية وهي العراقية، 2 والعراقية الوثائقية، والسندباد، لاسباب تقشفية، لكن لم يتم تسريح احد وتنسب جميع العاملين الى وسائل اعلام اخرى تابعة للشبكة.
– قناة وار الرياضية: اغلقت القناة بسبب ضائقة مالية وكان فيها 40 موظفا تم تسريحهم جميعا.
ــ صحيفة الغد: تم إغلاق الصحيفة بسبب سياسية التقشف التي اتبعتها إدارة المؤسسة, ولم تكترث لما جرى لكادرها الذي يلغ ما يقارب 20 موظفا.
ــ وكالة المصدر نيوز: سرحت إدارة وكالة الأنباء جميع كادرها بحجة إغلاقها بسبب انخفاض الدعم الناتج من جراء الضائقة المالية, إلا أن الإدارة اعادت افتتاح الوكالة بعد مدة وجيزة، وعينت كادرا جديدا. وما يزال كادر المؤسسة السابق يبحث عن عمل حتى الآن.
2- الوسائل التي قلصت كوادرها واجورهم:
ــ قناة الديار: عملت هذه القناة قبل الأزمة المالية بنوع من الاستقرار المالي، وكانت توفر فرصة عمل الى ما يقارب الـ 145 صحفيا وصحفية، كما وفرت فرصة لتدريب لجميع الراغبين بتعلم مهنة الإعلام وكانت تمنحهم مكافآت رغم تدريبهم، إلا أنها بدأت بتقليص كادرها منذ مطلع العام الحالي وألغت التدريب بسبب الأزمة المالية.
وشمل أول تقليص نحو 60 وموظفا، ثم عمدت الإدارة الى اجراء ترشيق أخر سرح 20 أخرين، وهناك توجه لإدارة المؤسسة لتسريح موظفين آخرين للسبب ذاته.
– قناة هنا بغداد: سرحت 87 من كادرها أغلبهم مندوبين أخبار ومحررين، كما قللت رواتب موظفيها بواقع 25% ـ متوسط الرواتب الشهرية للعاملين في القناة هو 1000 دولار أميركي.
– قناة العهد: سرحت اكثر من 40 صحفي بين مراسلين ومصورين ومحررين وتم تقليص الراتب بواقع 20%.
ــ قناة الرشيد: قامت القناة بإنهاء خدمات مجموعة كبيرة من العاملين بسبب التقشف والضائقة المالية التي ألمت للقناة، دون سابق إنذار, بينهم صحفيين يعتبرون من مؤسسي القناة.
ــ قناة الاتجاة: قلصت كادها الموجود في المقر الرئيس للقناة كما قلصت عملها في المحافظات وهي بهذه الخطوة سرحت العديد من كادرها المنتشر في أغلب المحافظات العراقية.
وابلغ بعض العاملين في القناة, جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، ان “التقشف شمل مركز القناة في بغداد وأجبر عددا من العاملين على ترك عملهم”, مبينين أن “القناة استغنت عن بعض كادرها الذي يعمل في المساء بسبب التقشف وأجبرت الباقين على العمل بنطاق أوسع”.
وأكد العاملون أن “الإدارة عمدت الى تقليص عملها في المحافظات ما أدى الى تسريح عدد اخر من المراسلين”.
وتابعوا ان “قناة الاتجاة التي تبث باللغة الانكليزية تم إيقافها منذ نهاية حزيران الماضي”.
ــ قناة دجلة: وهي واحدة من القنوات التي شملها التقشف بواقع اقتطاع ١٥٪ من رواتب العاملين، وأعلنت القناة ان التقشف سيستمر لمدة 3 أشهر على الأقل، لتعود الأجور الى وضعها الطبيعي لاحقا.
ــ قناة السومرية: سرحت ما يقارب ٤٥ موظفا من موظفيها بسبب قلة الدعم المالي.
ــ قناة الرافدين: وسرحت في الاونة الاخيرة مجموعة قليلة من العاملين مع تراجع الدعم المالي، وحصول تغييرات في الحزب الداعم لها.
– قناة الفيحاء: ابلغ مديرها العاملين فيها بمدينة السليمانية بعدم وجود مرتبات شهرية لفترة قد تطول، بسبب الديون المتراكمة على القناة من مستحقات للقمر “نايلسات”، وانخفاض الدعم المالي لها، وهي مهددة بالاغلاق في الوقت الحالي ايضا.
ــ وكالة قرطاس نيوز: سرحت جميع المراسلين في المحافظات، وبلغ عدد الكادر الحالي 13 من أصل 30 صحفياً، وما يزال الصحفيين المسرحين يبحثون عن عمل مناسب.
– جريدة طريق الشعب: سرحت 13 صحفي بسبب توقف الإعلانات، كما قلصت عدد الصفحات الى 8 ، ومن المتوقع ان تتحول من يومية الى اسبوعية قريبا.
ــ وكالة عين العراق: قلصت كادرها ليصبحوا 10 من أصل 30 صحفيا وتمويلها من قبل احد الأحزاب الإسلامية والصحفيين المسرحين كسابقيهم لم يحصلوا على فرصة عمل أخرى.
وفيما توجه 15 صحفيا الى القضاء لرفع دعوى قضائية ضد القناة لتعويضهم، سارعت القناة الى تعويض 5 أشخاص فقط وأهملت الآخرين.
ــ صحيفة العالم: قلصت 5 من كادرها مؤخرا، ليصبح عدد العالمين في المؤسسة 7 صحفيين فقط، نتيجة الضائقة المالية وقلة الاعلانات الحكومية.
ــ قناة البابلية: تم تقليص رواتب موظفيها بنسبة 10%، بسبب التقشف.
– الفرات: قلصت رواتب العاملين بنسبة 10%، وشمل التقليص مجموعة عاملين غير صحفيين.
– قناة المسار الاولى: تم تقليل كادر قناة المسار من 100 الى 65 موظف في بدايات الازمة المالية للقناة بسبب عدم امتلاكها الأموال الكافية، كما تم تقليل ميزانية القناة من 110 الاف دولار في الشهر الواحد الى 60 الف دولار.
وتشكو ادارة القناة من ضائقة مالية كبيرة جدا، ربما تؤدي لتوقفها، فميزانيتها المخصصة لإنتاج البرامج لا تكفي سوى للقضايا الضرورية جدا، ولا تملك ميزانية لاي عمل خارجي. ويقدر عجز ميزانية الرواتب الشهرية في القناة بواقع 7 مليون دينار يتم تغطيته بالاعتماد على الإعلانات.
– الصباح الجديد قلصت رواتب الكادر بواقع 20% من الرواتب.
يشار الى ان بعض وسائل الاعلام ابلغت عامليها باحتمالية اغلاقها لغياب الدعم المالي.
ابرز اسباب الاستغناء السريع عن العاملين:
1- انتهاء او تقلص دعم الجهات السياسية لمؤسساتها الاعلامية، نتيجة الازمة المالية التي ضربت البلد بسبب انخفاض سعر سوق النفط العالمي.
2- غياب الاعلانات الرسمية للمشاريع والبرامج الحكومية، التي توقفت لذات السبب ايضا.
3- بعض المؤسسات الاعلامية التي انشأت ابان فترة الانتخابات النيابية السابقة، والتي يمولها بعض النواب الحاليين، كانت تهدف الى احاطتهم بقوة اعلامية فاعلة، لكن مع تغير الوضع السياسي، قلّ حماسهم ازاء هذه الاهداف، وبات اغلاقها وشيكا.
موقف الجمعية:
تعتبر جمعية الدفاع عن حرية الصحافة تسريح هذا العدد الكبير من العاملين في وسائل الاعلام ولا سيما الصحفيين من محررين ومراسلين ومصورين، مع انخفاض الدعم المالي يشكل اهانة كبيرة للاسرة الصحفية، وخرقا فاضحا للقوانين السارية في البلد، ودستوره الذي كفل حقوق العاملين في شتى المجالات.
واذ تقدر الجمعية الازمة المالية والضائقة الاقتصادية التي تمر بها وسائل الاعلام في العراق كافة، فانها تحمل في ذات الوقت المؤسسات الاعلامية مسؤولية التسريح المفاجئ المهين، وتعريض حياة الصحفيين واسرهم الى صعوبات معيشية، كونها تمتنع عن انشاء عقود عمل وفقا للقوانين العراقية النافذة، بما يضمن حقوق العاملين لفترات زمنية يحددها الطرفين.
كما تدعو الجمعية جميع المؤسسات الى منح الصحفيين المسرحين حقوقهم في اسرع وقت ممكن، لا سيما وان القوانين تمنحهم حق مقاضاة الوسيلة الاعلامية.