معايير هيئة الاعلام والاتصالات بلا معيار

سعدون محسن ضمد

الإعلامي يعمل في وسط مفخخ بالكواتم، نحن لا نحتاج إلى معايير عمل، فالكواتم والتهديدات تضع لنا معايير موت وحياة، نعلم جيدا أن في تعديها لن نعود إلى بيوتنا سالمين.
نحن لا نحتاج إلى معايير عمل، فالسلطة السائبة والقانون الذي يطبق بتمييز واضح كفيل بتحديد معايير لعملنا، يكفينا معياراً يحدد عملنا ويكمم افواهنا أن عشرات الملثمين يترصدون عودتنا إلى بيوتنا، ويمارسون هواية قتلنا من دون اتباع أي معيار. الحرائق التي طالت الفضائيات دون تدخل أحد كافية لتكون معايير عمل لنا.
لا أحد معنا، نحن نعمل فرادى ومن دون أي حماية، ليست هناك قوانين تكفل لنا حق الحصول على المعلومة، أو تكفل لنا حق تمثيل المواطن ومراقبة أداء السلطات الجائرة بحقه، ومع ذلك نعمل، ثم تأتون بنصوص لا يستطيع أن يفهم مغزاها أحد وتجعلونها ضوابط لعملنا؟
طيب لنفترض أننا نستطيع دائما أن نستضيف «ذوي الاختصاص والكفاءة العالية» لكن كيف يمكن لنا أن نعرف بان هذا المختص الكفوء «له القدرة على تدارك المواقف الحرجة وعدم الوقوع في الأخطاء التي تؤدي إلى تأزيم الوضع السياسي والأمني وحتى الاجتماعي». بربكم هذا النص معيار أم جلجلوتية؟
المعيار يجب أن يكون واضحاً ودقيقاً ولا يقبل التأويل، لأنه معيار يصلح لتعيير الأشياء، المتر معيار لأنه مسافة محددة بدقَّة بالغة، هو مائة سنتيمتر فقط، من دون أي زيادة أو نقصان ولو بمقدار مليم واحد.
تتحدثون وكأن ليست هناك مشكلة في البلد أكبر وأخطر من خطأ يرتكبه إعلامي هنا، وتجاوز تقع فيه فضائية هناك!!
الناس تحترق في مستشفيات العزل، كورونا انفلتت عن قدرة النظام الصحي على تدراكها، الخدمات شبه معدومة، الفساد التهم أموال الناس إلى درجة وقع فيها ما يقارب نصف سكان البلد تحت خط الفقر، أي أن نصف الناس أكثر من فقراء، البلد منتهك السيادة، لدينا أزمة مياه مرعبة، نحن نفقد يوميا مساحات هائلة من الأراضي الزراعية، وربما نحن البلد الوحيد الذي يحرق ثروته الغازية، أي أننا نحرق يومياً ملايين الدولارات، والمشكلة أن هذا الاحراق يلوث البيئة بشكل يهددنا ويهدد الآخرين.
كل هذه المصائب والعشرات غيرها تحتاج إلى إعلام حر ومدعوم، هناك أخطاء نعم، ولكن هناك ما يكفي من النصوص القانونية لمعالجتها، وتكفيكم المادة ٢٢٦ من قانون العقوبات التي يمكن وفقها القاء القبض على أي إعلامي، لأنها مادة جلجلوتية تشبه بعض المعايير التي صدرت في تعليماتكم هذه. كما هو الحال مع الفقرة التي تقول «عدم استضافة أفراد مجهولين» فما معنى المجهول؟ وما هي المحددات التي تخرج ضيوفنا من كونهم مجهولين إلى كونهم معلومين؟ وهل يعني هذا أن المواطن البسيط ليس له حق الظهور على شاشات التلفزيون؟ وهل أن هذا الحق حكر على “المشاهير”؟
وما معنى الفقرة التي تقول: «تجنب دعوة أفراد أو جهات محضورة دستورياً أو قانونيا» إذا كنتم تقصدون حزب البعث والبعثيين فكيف يمكن تطبيق هذه البند وأنم تعلمون بان مفوضية الانتخابات وقعت في حيص بيص عندما ارادت تطبيقه مؤخراً مع انها استعانت بالمسائلة والعدالة؟ فكيف يمكن أن نطبقه نحن؟ كيف نعرف بأن فلان الفلاني ممن يقال عنه أنه بعثي، تنطبق عليه شروط المسائلة والعدالة أم لا؟ إذا كان القضاء انقسم نصفين في تطبيق هذا المعيار قبل أسابيع، فكيف يمكن لنا أن نطبقه برأيكم؟!
أما معيار عدم طرح «الحوارات التي تشكل تهديداً للنظام الديمقراطي» فهذا فعلا معيار مضحك، إذ كيف نعرف، مسبقا، بان ضيفنا سيتحدث بكلام يهدد النظام الديمقراطي أم لن يفعل لكي نسمح أو لا نسمح!
اعتقد أن من الأفضل لكم ولنا والأسهل عليكم وعلينا، أن تضعوا قائمة بالمفرادت المسموح للضيف التفوه بها خلال برامجنا، لكي ناخذ منه تعهدا بعدم استعمال غيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *