- ادريس جواد
لا يخفى على حضراتكم ان هيئة الاعلام والاتصالات تأسست وفق القرار 65 الذي أصدره الحاكم المدني للسلطة المدنية في العراق بول بريمر سنة 2004، على ان يكون هذا القرار مؤقتاً لحين تشريع قانون يوضح الخطوط الأساسية لعمل الهيئة وهيكليتها، وفق ما ينسجم مع الدستور العراقي الذي كفل حرية العمل الإعلامي والصحفي بكل أشكاله
وبموجب الدستور العراقي فان الهيئة تعد جهة مستقلة غير مرتبطة بأي طرف حكومي، وتتلخص مهمتها في تنظيم وتطوير الاعلام والاتصالات في العراق ضمن المعايير الدولية الحديثة، وقد نص قرار تشكيل الهيئة على تعزيز وحماية حرية الاعلام، ومساعدة أجهزة الاعلام في العراق على تطوير وتقوية الممارسات المهنية في مجال العمل والحفاظ على تلك الممارسات التي تعمل على تقوية دور المتابعة الذي تقوم به أجهزة الاعلام لرعاية المصلحة العامة.
وقد جاء في الأسباب الموجبة لتأسيس الهيئة إشارة الى حاجة أجهزة الاعلام وخاصة الصحافة الى تطوير الية فعالة تستخدمها لأغراض الرقابة الذاتية في نفس الوقت الذي تكفل فيه بناء بنية تحتية منظمة للاتصالات، وتكريسا للالتزام بالمبادئ الدولية لحرية التعبير وحرية الصحافة عليهما في الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية وفي غيرها من المواثيق.
وأيضاً جاء في الفقرة (ح) من المادة الثانية الخاصة بمهام الهيئة تشجيع الصحافة على ممارسة حرية التعبير والسلوك المهني السليم عن طريق التعاون مع الاسرة الصحافية العراقية لتطوير مدونة السلوك الأخلاقي للصحفيين، والتشاور مع مندوبي الصحافة ومع اتحادات الصحفيين المحترفين ذات العلاقة من اجل تطوير وتطبيق نظام الرقابة الذاتية لتنفيذ نصوص مدونة السلوك الأخلاقي.
غير ان بعض ما أصدرته الهيئة من قرارات في الفترة الماضية اثارت حفيظة عدد من الاعلاميين ووسائل الاعلام والمراقبين المحليين والدوليين، من خلال ممارسة اساليب ضغط خارج إطار الشرعية الممنوحة لها، حيث انها بدلا من التنظيم، صارت تقوض جهود حرية التعبير وترمي في بعض افعالها وقراراتها الى تقييد الاعلاميين ووسائل الاعلام المختلفة، التــي واجهت قرارات غلــق وتهديد وفــرض رسومــات مالية غير مسبوقة،
وفي تقريرها الذي أصدرته في مطلع العام 2021 قالت جمعية الدفاع عن حرية الصحــافة في العراق بانها رصدت مجموعة من الخروقات في عمل الهيئة بحق وسائل الإعلام خلال عقد من الزمن وتمثلت هذه الخروقات عبر إصدار مجموعة من أوامر إغلاق القنوات وتعليق رخص، وغيرها من القرارات غير المنصفة حيث سجلت الجمعية ومن خلال فريق الرصد التابعة لها (128) حالة إغلاق، وتعليق رخصة، وفرض غرامات، وإنهاء تكليف وتجميد للعاملين، تسببت بها هيئة الإعلام والاتصالات خلال العشرة أعوام المنصرمة.
وفي سياق الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، أمرت هيئة الإعلام والاتصالات يوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني بإغلاق ثمان محطات بث تلفزيوني واربع محطــات إذاعيــة لثلاثــة أشهر، بسبب انتهاكات مزعومة لقواعد التراخيص الإعلامية المحددة في قواعد الهيئــة، وأصدرت تحذيراً لخمس محطات بث أخرى بسبب تغطيتها للاحتجاجات، وفي أبريل/نيسان 2020، علّقت هيئــة الإعلام والاتصالات ترخيــص “رويترز” ثلاثة أشهر وغرّمتها 25 مليون دينار عراقي بسبب تقريــر نشرته يوم 2 أبريل/نيسان زعمت فيه أنّ عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس “كورونا” في البلاد يفوق بكثير الإصابات المُعلنة.
ومن هنا يجد العاملون في وسائل الاعلام انه من الضروري المضي في تشريع قانون ينظم عمل الهيئة ويزيد من قدرتها على تنظيم العمل الإعلامي ومساندة ومساعدة وسائل الاعلام، غير ان مشروع القانون الذي قدم من قبل رئاسة الجمهورية في عام 2017 حمل ايضاً بعض النقاط التي تحتاج الى مراجعة وتعديل قبل ان يقدم كمشروع قانون الى مجلس النواب لتشريعه وهو ما يعمل عليه حالياً الفريق القانوني والإعلامي الخاص بجمعية الدفاع عن حرية الصحافة.