خضر دوملي مدرب ومستشار اعلامي
يشهد العراق اوقاتا عصيبة في مجال حرية التعبير وممارسة العمل الصحفي ، حيث تزداد العراقيل وتنتشر الاعتقالات وأيقاف المؤسسات الاعلامية وتوجيه التهم للصحفيين والضغط على المؤسسات لتغيير سياسات عملها أوالضغط على الصحفيين للعمل وفق توجهات محددة او تجنب التغطية لقضايا بعينها تنبىء بتراجع حرية الصحفة بشكل واضح.
باتت قضية حرية العمل الصحفي في العراق وكانها جزء من الشلل السياسي في العراق مصابة بالشلل التنظيمي اولا والتطبيقي – ممارسة – صحفيين ومؤسسات ثانيا، وهو ما ينعكس على مستوى الاداء والتغطية الصحفية في مجال العمل الصحفي بشكل مباشر للكثير من القضايا الملحة في البلد.
الفهم الحقيقي لحرية العمل الصحفي في العراق لم يترجم كما جاء في البنود الدستورية المادة 38 ، في وقت القوانين والتشريعات التي تنظم عمل الاعلام لاترتقي الى التطور الكبير الذي حصل في مجال وسائل الاعلام وعملها، كما ان الالتزام بالتشريعات سواء في متابعة الصحفيين وتجاوازتهم او أتهامهم او تطبيق القوانين على المتهمين او الذين يتم القاء القبض عليهم او ايقفاهم عن العمل هي الاخرى بحاجة الى مراجعة شاملة .
في اليوم الدولي لحرية الصحافة يواجه العراق مأزقا حقيقيا لحرية الصحافة من حيث الكم والنوع – يواجه الصحفيين المزيد من التحديات التي تعرقل عملهم داخل المؤسسات الواحدة او في الشارع – مسؤولين وحماياتهم يهددون الصحفيين علنا ويعتدون عليهم ويوجهون التهم ويشهرون بالصحفيين ، حمايات البرلمانيين تعتدي عليهم في وضح النهار وقائمة الضحايا ترتفع .
في مجال الاحترام للمهنة وتزويد الصحفيين بالمعلومات او حق الصحفيين في الوصول الى المعلومات، الازمة متشابكة جدا فليس كل الصحفيين يصلون الى المعلومات، وأن وصلوا لايمكن للكثيرين ان ينشروا المعلومات كما يتطلب في غالب الاحيان .. شلل الوصول للمعلومات والحصول عليها وتناولها ونشرها تتطلب تنظيما هائلا ودعما حكوميا – فبلا حرية الحصول وتناول المعلومات سيبقى البلد يعاني الفساد وعدم الاستقرار باعتبار ان واحدة من قواعد تحقيق السلام والاستقرار في البلدان التي شهدت الحروب والنزاعات هي حرية تداول المعلومات .
الصحافة المستقلة غائبة شكليا وتنظيميا وموجودة اسما واثارة ومع ولادة كل مؤسسة اعلامية ينتظر الناس لكي يحددوا مستوى استقلاليتها بنوعية الضيوف التي يتم استضافتهم او نوعية الاسئلة الاختيارية المتعمدة لابراز حقائق معينة ويحكموا لاحقا عليها بمستوى استقلاليتها …البلد بحاجة الى صحافة فاعلة وصحفيين يؤمنون بالمهنة ورسالتها و يؤودون واجباتهم وفق الاسس المهنية بأقصى حد ممكن … لكن هذا الامر غائب في غياب قلة اهتمام الصحفيين بالاسس المهنية والاخلاقيبات الصحفية وضعن مستوى أداء اقسام وكليات الاعلام الجامعية – خريجين يقضون اربع سنوات على مقاعد الدراسة دون يعرفوا أعداد تقرير خبير بسيط مثال واضح لمستواها ..
الاعلام الرقمي او ما يسمى بأعلام الدجيتال – شعار اليونسكو لهذه السنة 2022 في يوم حرية الصحافة 3 ايار هو (( الصحافة تحت الحصار الرقمي )) يثير الكثير من التساؤلات فالبلد بلا قثانون ينظم عمل وسائل الاعلام الالكترونية وبما فيها السوشيال ميديا والابتزاز الالكتروني والفوضى والمعلومات والاخبار الكاذبة والمضللة اصبحت هي الصفة السائدة بخصوص الكثير من القضايا.
في هذه المناسبة يوم حرية الصحافة يتطلب وقفة جادة من ثلاثة اتجاهات – المنظمات الدولية لكي توفر المزيد من الدعم وعقد مؤتمر دولي لتعزيز مكانة الصحافة في بناء الدولة ومؤسساتها وتحقيق السلم والاستقرار المجتمعي وتعزيز الالتزام بالقيم المهنية – مؤسسات الدولة و المختصين بحاجة الى مراجعة التشريعات و ضمان اعداد مسودة قانون جديد للعمل الصحفي و قانون ينظم العمل النقابي لرفع الاحتكار لنقابات اصبحت غير كفؤة ولاتلبي حاجة وواقع العمل الاعلامي في ظل التطور المتسارع لوسائل الاعلام ومراجعة شاملة لادارة المؤسسات الاعلامية وهيكليتها و دور المؤسسة الوطنية، شبكة الاعلام العراقي واقسامها وفروعها.
واخيرا لابد ان نوضح أنه دون تدريب الصحفيين وتدريب مسؤويل المؤسسات الاعلامية اولا ومسؤولي الجهات ذات العلاقة على الكثير من المواضيع التي تخص حرية العمل الصحفي وأنشاء محاكم للنشر او خاصة بالنظر في قضايا حرية الصحافة في عموم البلاد لن يصبح العمل الصحفي منظما ولا متوافقا مع واقع البلد ومتطلباته.